" أمي ماتت، ووجهي تشوّه بشكل كبير، وابي يريد الزواج من إمرأةٍ اخرى، لا احتاج في يوم من الايام أن اقدم شهادة تثبت ما حدث لي أكثر من هذه الجمل الثلاث"
هاني بطل رواية " جانو أنتِ حكايتي" يتحدث عن وجعه، ويُقدمه للقاريء هويّةً تعكسه، كما بات اليوم أي عراقيِّ يُقدم من كلمة " اناعراقي" أكبر دليلٍ على تعاسة وألم الهوية، فلا حاجة للحديث عمّا نمرّ به كل يوم من مآسي إنطلقت منذ العام 2003وحتى اليوم يكفي أن نذكر اننا عراقيون....
الشاب الوسيم، الذي لايزال في مقتبل طريقه، يتعرض في فترة ما بعد الاحتلال وخاصة عام 2004 الى تشوّه تسبب به جيش الاحتلال بعد أن رشقوا سيارة كان يركبها هو واباه وأمه، فذهب الام ضحية الطلقات بعد أن نذرت حياتها لحماية أبنها، وما ان تفجر خزان البنزين حتى تعرض وجه هاني الوسيم والذي ما كُنّ يغضضن عنه النساء ابصارهن اعجاباً به الى التشوّه واصبح وكما تذكر لنا ميسلون هادي كاتبة الرواية عن لسان بطلها " لم أحصد شيء من ذلك الحادث سوى محبة الناس لي" وهنا ألتمس أن هادي تحاول أن تشير إن كسب محبة الناس قد تعود علينا إلى خسائر جسيمة احياناً...
ما اثار دهشتي واعجابي من هادي في هذه الرواية هي انتقالاتها السريعة، التي استطاعت خلالها أن تقضي تماماً على حالة الملل التي قد تصيب القاريء من خلال قراءته لرواية كبيرة، ايضاً قدرتها على أن تتحدث بلسان بطل حكايتها "الرجل" والذي تجاوزت من خلاله المعتاد، فقد اعتدنا أن يكون أبطال روايات النساء نساء مثلهن تماماً، لكن هادي استطاعت ان تُفكر بعقيلة الرجل وما يدور في خلجات الرجال من خلال تلك الرواية، ولم اشُكّ ولو للحظة أن هذا الالم، او الفرح، او السخرية، او العناء، او العشق، او الشهوة، هي انفعال نابع من رجل....
حاولت هادي ايضاً أن تُشير الى واقع المدينة "الفلوجة" التي انحدر هاني منها وتعرض الى التشوّه فيها، وما اصابها مع بداية الاحتلال الامريكي، ونقلتنا هادي الى عراق مُصغّر من خلال عائلة هاني، حيث أن امه وأخواله هم من عائلة نجفية، اما اباه فهو رجل انباري من مدينة الفلوجة، وبهذا أجابت ميسلون هادي عن الاسئلة الطائفية للعالم اجمعه من خلال روايتها...
من المشاهد الرومانسية الآخاذة والتي لم المسها في الكثير من الروايات العالمية، في غزلٍ يحمل من البراءة، والجنون الكثير، حين يقول هاني متحدثاً عن قدميه " وكنت عندما اشكو لامي كبر حجم قدمي تقول لي انت حساس جداً يا هاني... لا شيء من هذا القبيل يعيب قمراً جميلاً مثلك، ولم اكن اعلم انه سيأتي يوماً اعرف فيه امتيازهما الفريد حتى وضعت تلك المرأة البيضاء العجيبة قدميها فوق قدمي الكبيرتين، وحاولت ان تصل الى فمي لكي تقبلني."
حملت الرواية بعض الجرأة واستطاعت هادي ان تطرق ابواب التابوهات الادبية بين الجسد والدين والسياسة من خلال كتابها هذا فكان الاجدر بنا أن نفخر بأديبة عراقية مثلها كونها استطاعت ان تجيب على سؤال عدم قدرة المرأة الاديبة العراقية على ملامسة التابوه، ميسلون هادي حكاية كاتبة كبيرة، أنتجت العديد من الاصدارات الادبية بين رواية ومجاميع قصصية، كما انها أصدرت مجموعة قصصية خاصة بالاطفال، وحصلت هادي على جائزة كتارا للرواية العربية لعام 2015 في فئة الروايات غير المنشورة عن رواية “العرش والجدول”، اضافة الى انها حصلت على العديد من الجوائز المحلية والعربية وشحت لنيل العديد من الجوائز.
top of page
£16.00Price
bottom of page